أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الوقت قد حان لبدء مسار لا رجعة فيه لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يتوج بإنشاء دولتين مستقلتين حيث يمكن للشعبين التعايش بسلام.
في مقال رأي نُشر في صحيفة فاينانشال تايمز يوم الأربعاء، أكد الأمير فيصل أن حل الدولتين يظل المسار الواقعي الوحيد لضمان السلام والأمن على المدى الطويل لكل من فلسطين وإسرائيل، وكذلك للشرق الأوسط الأوسع.
وأكد التزام المملكة الثابت بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأكد أن المملكة العربية السعودية لن تطبع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل حتى تتحقق هذه الرؤية. وتتوافق هذه التصريحات مع التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى.
وأشار الأمير فيصل إلى أن تحقيق دولة فلسطينية ذات سيادة لن يؤدي إلى السلام فحسب، بل سيعزز أيضًا الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي والازدهار. وتأتي رسالته في ظل تصعيد متزايد للعنف في المنطقة، وخاصة بين إسرائيل وحزب الله، وفي أعقاب الضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وكتب الأمير فيصل: “من المهم أن ندرك أن الحواجز الحقيقية أمام السلام ليست شعب فلسطين أو إسرائيل، الذين يتوقون إلى الاستقرار والتعايش، بل المتطرفون على الجانبين الذين يرفضون الحل العادل ويسعون إلى نشر الصراع في جميع أنحاء منطقتنا وخارجها”.
وتابع: “لا ينبغي لهؤلاء المتطرفين أن يشكلوا مستقبل دولنا أو يفرضوا الحرب عليها. يجب أن ترتفع أصوات الاعتدال فوق الفوضى، ومن واجبنا الجماعي أن نضمن سماعها بصوت عالٍ وواضح”.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني له حق أصيل في تقرير المصير، وأن المملكة العربية السعودية، إلى جانب دول أخرى، تعمل على تأمين الاعتراف العالمي بفلسطين كدولة ذات سيادة. وحث الدول التي دعمت هذه الفكرة بشكل خاص على التعبير علنًا عن دعمها، مشيرًا إلى أن الآن هو “الوقت المناسب للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ”.
وأكد الأمير فيصل أيضًا أن مجرد الاعتراف بفلسطين غير كافٍ. ودعا إلى مزيد من المساءلة، بما في ذلك إنفاذ قرارات الأمم المتحدة، والتدابير العقابية ضد أولئك الذين يقوضون الدولة الفلسطينية، والحوافز للدول التي تدافع عن القضية.
كما سلط الضوء على التحديات المستمرة التي يواجهها الفلسطينيون، بما في ذلك الهجوم المستمر على غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، والقيود المفروضة على الحركة من قبل السلطات الإسرائيلية. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تعيق بشدة احتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف: “إن التعنت الإسرائيلي لا يؤدي إلا إلى تعميق التوترات، وتآكل الثقة، وجعل المفاوضات الدبلوماسية صعبة بشكل متزايد، وإطالة المعاناة على الجانبين وتقريب المنطقة من صراع أكبر”.
كما دعا الأمير فيصل إلى دعم أقوى للسلطة الفلسطينية، مشيدًا بالتزامها بالحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية على الرغم من التحديات المستمرة. وأشار إلى أن أي سلام دائم يجب أن يتضمن خضوع غزة والضفة الغربية لسيطرة السلطة الفلسطينية.
واختتم حديثه قائلاً: “إن الدولة الفلسطينية ليست نتيجة للسلام بل هي أساسه الأساسي. هذا هو المسار الوحيد الذي يمكن أن يكسر دائرة العنف ويؤدي إلى مستقبل حيث يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين العيش في سلام وأمن واحترام متبادل. “لا ينبغي لنا أن ننتظر أكثر من ذلك”.
إن هذه الدعوة إلى السلام هي رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي: إن حل الدولتين ليس مجرد هدف بل ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار والوئام الدائمين في الشرق الأوسط.