انطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برفقة وفد رفيع المستوى في رحلة آسرة عبر العجائب التاريخية والأثرية في محافظة العلا يوم الأربعاء. وقد أظهرت هذه الزيارة للمعالم القديمة التراث العميق للمنطقة، مما جعل ماكرون والوفد المرافق له في رهبة من أهميتها الثقافية. بدأت الجولة في الحِجر (مدائن صالح)، وهو موقع ذو أهمية قصوى باعتباره أول موقع مدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية.
استكشاف التراث الخالد
أثناء الجولة، انبهر الرئيس ماكرون بالآثار القديمة، التي يعود تاريخ العديد منها إلى آلاف السنين. ورافقه في هذه التجربة الغامرة شخصيات بارزة، بما في ذلك أمير المدينة المنورة الأمير سلمان بن سلطان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الثقافة ومحافظ الهيئة الملكية للعلا الأمير بدر بن عبد الله، ووزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، ووفد من الجانبين السعودي والفرنسي.
تحفة معمارية: قصر الفريد
كان قصر الفريد أحد أبرز المعالم، وهو عبارة عن مقبرة ضخمة منحوتة من صخرة واحدة في الحجر. يشتهر هذا البناء ببراعته المعمارية الفريدة، حيث يتميز بالنقوش النبطية المعقدة والأعمدة الزخرفية، وهي سمة مميزة للحرفية القديمة. بواجهته المهيبة ذات الأعمدة الأربعة، يقف قصر الفريد متميزًا بين المقابر الأخرى في المنطقة، والتي تم تزيين معظمها بعمودين فقط.
قصر البنت: شهادة على الإبداع القديم
كما زار الوفد قصر البنت، وهي مقبرة تحظى بالاحترام لتقنيات البناء الاستثنائية التي يعود تاريخها إلى عصر ما قبل المسيحية. يُعرف قصر البنت بأنه أكثر مجمعات المقابر تميزًا في الحجر، ويمثل قمة العمارة الجنائزية النبطية، حيث تقف مقابره كرموز بارزة لإبداع هذه الحضارة القديمة.
الديوان: مسرح منحوت من الحجر
كان الديوان أحد المواقع الرائعة الأخرى في الرحلة، وهو عبارة عن أعجوبة معمارية في الهواء الطلق تقع وسط التضاريس الجبلية في الحجر. يتميز هذا المعلم التاريخي، الذي يشبه المسرح القديم، بأعمدة وجدران حجرية منحوتة بشكل معقد تمتزج بسلاسة مع البيئة الطبيعية المحيطة. يعد الديوان شهادة رائعة على البراعة الهندسية للحضارات السابقة، حيث يقدم لمحة عن تقاليدها المعمارية المتطورة.
الحفاظ على إرث العلا
امتدت زيارة ماكرون أيضًا إلى العديد من المعالم التاريخية الأخرى التي تثري المناظر الطبيعية في العلا، وتجذب السياح من جميع أنحاء العالم. يتم الحفاظ على هذه المواقع الثمينة بعناية من قبل الهيئة الملكية للعلا، ووزارة الثقافة، والهيئة السعودية للسياحة، وغيرها من المنظمات الرئيسية. يضمن تفانيهم أن تظل العلا منارة للتراث الإنساني، وتمثل قرونًا من الحضارة الإنسانية والتطور الثقافي.
رحلة عبر الزمن
كانت جولة الرئيس ماكرون في العلا أكثر من مجرد زيارة دبلوماسية؛ بل كانت رحلة عبر الزمن، حيث قدمت تقديرًا عميقًا للتراث الدائم للمنطقة. ومع نسيجها الغني من التاريخ والثقافة والتألق المعماري، تظل العلا رمزًا لالتزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على تراثها للأجيال القادمة.