بيروت: تعهد الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع بالابتعاد عن التأثير سلباً على لبنان المجاور. وفي حديثه في دمشق يوم الأحد، التقى الشرع بوفد لبناني رفيع المستوى بقيادة الزعيم الدرزي البارز وليد جنبلاط في قصر الشعب.
يمثل هذا الاجتماع التاريخي أول زيارة لشخصية سياسية لبنانية إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وفي خطوة غير مسبوقة، تناول الشرع العلاقة المتوترة منذ فترة طويلة بين سوريا ولبنان، معترفاً بالدور السلبي للنظام السوري السابق.
عهد جديد للعلاقات اللبنانية السورية
واعترف الشرع بأن “سوريا كانت مصدر قلق وإزعاج للبنان”. وقال إن “التدخل في الشؤون اللبنانية كان ضاراً”، مشيراً إلى اغتيال كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري كأمثلة على جرائم النظام السابق.
وأكد أن سوريا ستظل محايدة في شؤون لبنان تحت زعامة جديدة، بهدف تعزيز السلام والاستقرار الاقتصادي. ودعا الشرع لبنان إلى تبني بداية جديدة من خلال محو ذكريات القمع الذي مارسه النظام السابق.
وقال: “نريد للبنان أن يزدهر باقتصاد قوي واستقرار سياسي، وسوريا مستعدة لدعم هذه الرحلة”، مؤكداً على الوحدة والتعاون بين البلدين.
جسر الانقسامات: رؤية جنبلاط
وأشاد جنبلاط بالشعب السوري على صموده، وشدد على أهمية إعادة بناء العلاقات بين لبنان وسوريا. وأضاف: “إن الفظائع التي ارتكبت ضد الشعب السوري تعكس الجرائم في غزة والبوسنة والهرسك. إنها جرائم ضد الإنسانية”، وحث الهيئات الدولية على التحقيق.
وأعرب الوفد، الذي ضم زعماء ومسؤولين دروز بارزين، عن أمله في تجديد العلاقات الدبلوماسية من خلال السفارات ومحاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعبين اللبناني والسوري.
وجدد جنبلاط التزامه بتقديم مذكرة تفاهم حول العلاقات اللبنانية السورية تركز على العدالة والمحاكمات العادلة والتقدم المتبادل.
تداعيات سقوط نظام الأسد
وفي سياق متصل، أكدت النيابة العامة اللبنانية تلقيها برقية من القضاء الأميركي بشأن اعتقال اللواء جميل الحسن، مدير المخابرات الجوية السابق في نظام الأسد.
وتشير التقارير إلى أن عدداً من كبار الضباط السوريين، بينهم أعضاء من الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، فروا إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية التي يديرها حزب الله. وقد تم القبض على بعضهم ومعهم مبالغ كبيرة من المال والذهب وتم تسليمهم إلى السلطات اللبنانية.
كشف وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أن شخصيات سورية دخلت لبنان بطريقة غير شرعية وتم رصدها على كافة نقاط الدخول. وأضاف أن القضاء الأميركي أصدر مذكرة دولية تتهم اللواء الحسن بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الإبادة الجماعية من خلال هجمات بالبراميل المتفجرة.
تصاعد التوترات وسط المرحلة الانتقالية
ومن بين الأحداث التي زادت من حدة التوتر اختطاف العقيد أحمد خير بك من الجيش السوري على يد مسلحين مجهولين على طريق مطار بيروت. وربطت مصادر أمنية الحادث بالاتجار بالمخدرات، وخاصة تهريب الكبتاغون. وقيل إن بك كان على صلة بالعميد غسان بلال من الفرقة الرابعة في الجيش السوري.
وفي الوقت نفسه، نظمت عائلات المعتقلين والمعارضين للنظام السوري السابق في السجون اللبنانية احتجاجات في وسط بيروت، مطالبين بالعفو العام.
مسار متفائل إلى الأمام
يرمز هذا اللقاء التاريخي بين جنبلاط والشرع إلى نقطة تحول في العلاقات اللبنانية السورية. ومع وعود الحياد ودعم الاستقرار، تتاح للدولتين الفرصة لصياغة مستقبل قائم على الاحترام المتبادل والتعاون، وترك ندوب الماضي وراءهما.