في ضوء التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، أصدرت عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، تحذيرات تحث مواطنيها على إخلاء لبنان على الفور. وينبع هذا القلق المتزايد من التطورات الأخيرة التي تشير إلى احتمال اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا.
تأتي هذه الدعوة العاجلة في أعقاب قرار الولايات المتحدة بإرسال سفن حربية إضافية إلى المنطقة. ونصحت السفارة الأميركية في لبنان مواطنيها بشدة بتأمين “أي تذكرة متاحة” للخروج من البلاد. وكرر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي هذه الحاجة الملحة، قائلاً بوضوح للمواطنين البريطانيين: “ارحلوا الآن”.
تصاعد التوترات والاستفزازات
تقف المنطقة الآن على حافة السكين بعد تعهد من إيران بالرد على إسرائيل. جاء هذا التعهد بعد اغتيال إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، في طهران. وجاء اغتياله بعد هجوم إسرائيلي على بيروت، أسفر عن مقتل القائد العسكري الأعلى لحزب الله، فؤاد شكر.
وفي خضم هذه التوترات، تظل القنوات الدبلوماسية نشطة. فقد أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إيرنا، أن وزير الخارجية الأردني من المقرر أن يقوم بزيارة نادرة إلى طهران للمشاركة في حوار مع المسؤولين الإيرانيين بشأن مسائل ثنائية ودولية بالغة الأهمية.
وقد أشعلت الظروف السائدة المخاوف من أن الصراع الدائر في غزة، والذي دخل الآن شهره التاسع، قد يتصاعد إلى حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط. وتكثر التكهنات بأن حزب الله، المتمركز في لبنان، قد يلعب دورا محوريا في أي تدابير انتقامية. وقد انخرطت الجماعة بالفعل في مناوشات يومية مع إسرائيل، حيث أطلقت 30 قذيفة بين عشية وضحاها، اعترضت الدفاعات الإسرائيلية معظمها.
المناورات العسكرية لحزب الله
في يوم الاثنين، أعلن حزب الله مسؤوليته عن هجوم بطائرة بدون طيار استهدف منشأة عسكرية في شمال إسرائيل. وأعلنت الجماعة أن هذه الخطوة هي رد مباشر على الاغتيالات الأخيرة، لإظهار التضامن مع غزة.
ردا على ذلك، نشرت إسرائيل صواريخ اعتراضية ضد “التهديدات الجوية المشبوهة” القادمة من لبنان إلى الجليل الأعلى، كما ذكرت قوات الدفاع الإسرائيلية. وقد أسفرت المواجهة عن إصابة اثنين من أفراد جيش الدفاع الإسرائيلي واشتعال حريق، تم إخماده لاحقًا بواسطة رجال الإطفاء المحليين.
وعلاوة على ذلك، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي عن سلسلة من الضربات على أهداف لحزب الله في لبنان، بما في ذلك مستودع للأسلحة. كما أفادوا باعتراض “هدف جوي مشبوه” آخر من لبنان ومراقبة “طائرة بدون طيار معادية متفجرة” دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، رغم عدم الإبلاغ عن أضرار أو إصابات كبيرة.
التحذيرات العالمية وتحذيرات السفر
ردًا على هذه التطورات المتقلبة، قامت العديد من الدول بتحديث تحذيرات السفر الخاصة بها. وحثت فرنسا مواطنيها على ترتيب المغادرة من لبنان “في أقرب وقت ممكن”، وفقًا لبيان صادر عن وزارة أوروبا والشؤون الخارجية. وبالمثل نصحت الأردن رعاياها باليقظة، في إشارة إلى تورطها السابق في اعتراض طائرات بدون طيار إيرانية في وقت سابق من العام.
كما قامت تركيا بمراجعة إرشادات السفر الخاصة بها، وأوصت أولئك الذين ليس لديهم أسباب جوهرية للبقاء في لبنان بالمغادرة بينما تظل الرحلات التجارية عاملة. ونصح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كيتشيلي المواطنين بتوخي الحذر وتجنب مناطق مثل النبطية وجنوب لبنان والبقاع وبعلبك الهرمل ما لم يكن ذلك ضروريا.
وقد أوقفت بالفعل العديد من شركات الطيران، بما في ذلك الخطوط الجوية الفرنسية ولوفتهانزا والخطوط الجوية الكويتية، رحلاتها إلى لبنان، وأعادت توجيه الطائرات إلى مسارات أكثر أمانا.
التحركات العسكرية الأميركية والمواقف الاستراتيجية
في إشارة إلى الاستعداد الجاد للانتقام الإيراني المحتمل، نشرت الولايات المتحدة مجموعة حاملة طائرات وأسراب مقاتلة وقوات بحرية إضافية في الشرق الأوسط خلال عطلة نهاية الأسبوع. وهذه الخطوة الاستراتيجية هي واحدة من أهم الخطوات منذ اندلاع الصراع في غزة، وتمثل تحذيرا محسوبا للفصائل المسلحة الإقليمية ضد توسيع نطاق الأعمال العدائية.
وأكد نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون فينر أن الولايات المتحدة وإسرائيل تستعدان “لكل الاحتمالات” في أعقاب نشر البنتاغون للموارد العسكرية الإضافية. وأكد أن هذه التحركات هي إجراءات احترازية تهدف إلى الاستعداد لأي عدوان محتمل من إيران أو غيرها من الخصوم.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق الهدوء، انخرط وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في محادثات مع وزراء خارجية دول مجموعة السبع. ووفقاً لمتحدث باسم وزارة الخارجية، تركزت هذه المناقشات حول “الحاجة الملحة إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط” لمنع المزيد من تدهور الوضع.
ومع تطور الموقف، يظل المجتمع الدولي يقظاً، مع تعليق الآمال على الجهود الدبلوماسية لقمع المد المتصاعد للصراع في المنطقة.