الرياض – كان تناول الطعام خارج المنزل في المملكة العربية السعودية تقليديًا تجربة جماعية تجمع العائلة والأصدقاء لتناول وجبات مشتركة ومحادثات حيوية. ومع ذلك، فقد ظهر تحول خفي ولكنه قوي مع تبني المزيد من السعوديين، وخاصة الأجيال الأصغر سنًا، لتناول الطعام بمفردهم كشكل فريد من أشكال العناية الذاتية والوقت الشخصي.
ما كان في السابق ممارسة غير شائعة أصبح الآن أكثر وضوحًا، حيث يتم رصد رواد تناول الطعام بمفردهم بشكل متزايد في المقاهي والمطاعم في جميع أنحاء المملكة. بالنسبة للبعض، إنه خيار عملي، بينما بالنسبة للآخرين، إنها لحظة عزيزة من العزلة وهروب منعش من وتيرة الحياة اليومية السريعة. هذا الاتجاه المتزايد يتحدى بلطف معايير تناول الطعام الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، ويوفر فرصًا جديدة للمطاعم للتطور والتكيف.
بالنسبة لزين المنصور، فإن تناول الطعام بمفرده هو طقوس مجزية. “أنا في الواقع أفضل تناول الطعام بمفردي على تناول الطعام مع شخص ما”، كما يقول. “إنها تجربة أسعى إليها وأجعلها جزءًا خاصًا من يومي. إنها مريحة ومفعمة بالطاقة”. بالنسبة للمنصور، فإن هذه الخروجات الفردية هي وسيلة لإعادة شحن طاقته، والاستمتاع بأطباقه المفضلة دون الحاجة إلى التفاعل الاجتماعي. وعلى الرغم من اعترافه بأن تناول الطعام بمفرده قد يبدو غير تقليدي في ثقافة تقدر التجمعات الاجتماعية، إلا أنه يشجع الآخرين على تجربته مرة واحدة على الأقل. “احضر كتابًا إذا كنت قلقًا بشأن الشعور بعدم الارتياح، وتذكر أن الأمر كله يتعلق بما يجعلك سعيدًا”.
يرى المنصور تناول الطعام بمفرده كشكل من أشكال التمكين، مما يسمح للأفراد بالتواصل مع أنفسهم وحتى ممارسة المهارات الاجتماعية من خلال التواصل مع موظفي المطعم. يتردد صدى نهجه مع عدد متزايد من السعوديين الذين يجدون تناول الطعام بمفردهم ليس فقط استراحة من الروتين ولكن أيضًا تجربة تعزز الثقة.
بالنسبة لبشاير البلوشي، كان اختيار تناول الطعام بمفردها نابعًا من رغبتها في إيجاد مساحة للتأمل الذاتي والسلام بعيدًا عن الضغوط اليومية. وتوضح: “يسمح لي تناول الطعام بمفردي بالاستمتاع حقًا بالأجواء واحتضان التجربة دون المطالب المعتادة للمحادثة”. أصبح هذا التقليد المكتشف حديثًا لحظة قيمة للعناية بالنفس البلوشي، يساعدها على إعادة التواصل مع نفسها في بيئة تشجع على الراحة الشخصية.
تعتقد البلوشي أن المطاعم السعودية يمكن أن تدعم هذا الاتجاه بشكل أكبر من خلال إنشاء مساحات جذابة مصممة للرواد المنفردين، وتقديم خيارات الخدمة الفردية، وضمان أجواء ترحيبية. وتقول إن هذا النهج يمكن أن يساعد المزيد من الناس على الشعور بالراحة عند تناول الطعام بمفردهم، وتعزيز ثقافة الاستمتاع الفردي.
بالنسبة لميرا فهد، بدأ تناول الطعام بمفردها كحل عملي بسبب ساعات عملها المرنة، لكنه تطور بسرعة إلى طقوس شهرية عزيزة. تقول: “أحب أن أكون قادرة على اختيار الوقت والمكان، ومشاهدة العالم يمر، والاستمتاع بالتجربة بالكامل دون أي تشتيت”. وبينما تقدر حرية تناول الطعام بمفردها، فإنها تؤكد أيضًا على التوازن، مشيرة إلى أن الكثير من العزلة يمكن أن يقلل من سحرها.
على الرغم من الشعبية المتزايدة لتناول الطعام بمفردها، لا يزال البعض يواجه توقعات ثقافية يمكن أن تجعل تناول الطعام بمفرده يبدو وكأنه غريب. تدرك لينا الأحمدي، التي تتناول الطعام بمفردها منذ عام 2016، هذه التصورات جيدًا. “في الثقافة السعودية، يتم تعليمنا القيام بالأشياء معًا، لذا قد يبدو تناول الطعام بمفردنا أمرًا غير معتاد”، كما تقول. ومع ذلك، فهي تقدر الاستقلال الذي توفره، وتجد المتعة في تناول الطعام دون الاعتماد على الآخرين. بالنسبة للأحمدي، الأمر لا يتعلق بالعزلة بل بالاحتفال بحريتها الشخصية.
ومع توسع هذا الاتجاه، تتاح للمطاعم السعودية فرصة للتكيف من خلال تقديم خدمات أكثر شمولاً للرواد الأفراد. تشير الأحمدي إلى أن حجز طاولة لشخص واحد لا يزال يمثل تحديًا، حيث تستوعب العديد من تطبيقات تناول الطعام والمطاعم المجموعات في المقام الأول.
يمثل القبول المتزايد لتناول الطعام بمفردك تحولًا في المملكة، حيث يتبنى المزيد من السعوديين التجارب الشخصية ومتع تناول الطعام بمفردهم. لا يعمل هذا الاتجاه المتطور على إعادة تعريف ثقافة تناول الطعام التقليدية فحسب، بل يفتح أيضًا الأبواب أمام المطاعم لإنشاء مساحات تحتفي بالفرد بقدر ما تحتفي بالمجموعة.